الوقوف بعرفة

    الوقوف بعرفة :
  1 - بعد أن وصل الحاج إلى البيت العتيق، ونال من العلم ما نال عن طريق المبايعة لله عز وجل، حيث يصبح أهلاً أن يسلك الطريق من العلم إلى المعرفة.
  فعن معاوية بن عمار قال (سألت أبا عبد الله (ع) عن عرفات لم سميت عرفات؟ فقال: إن جبرائيل (ع) خرج بإبراهيم صلوات الله عليه يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرائيل: يا إبراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك، فسميت عرفات) (1).
  2 - في عرفات يتفاعل وجدان الحجيج في نشيج ملائكي، حيث ترى المؤمنين ما بين متضرع وباك وداع.. كل ذلك يذكر بالوقوف بين يدي الله عز اسمه في عرصات القيامة.
  فعن الإمام زين العابدين (ع): (أما علمت أنه إذا كان عشية عرفة برز الله في ملائكته إلى السماء الدنيا، ثم يقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا، أرسلت إليهم رسولا من وراء رسول، فسألوني ودعوني أشهدكم أنه حق علي أن أجيبهم اليوم، قد شفعت محسنهم في مسيئهم، وقد تقبلت من محسنهم فأفيضوا مفغورا لكم، ثم يأمر ملكين فيقومان بالمأزمين هذا من هذا الجانب وهذا من هذا الجانب، فيقولان: اللهم سلم سلم. فما تكاد ترى من صريع ولا كسير) (2).
  3 - للوصول إلى حقائق المعرفة على الحاج أن يكون ظنه قويا بالله وبأنه سيبلغه مراده، فهو يوم شريف وموقف عظيم وهو (يوم شرفته وكرمته وعظمته، نشرت فيه رحمتك ومننت فيه بعفوك، وأجزلت فيه عطيتك، وتفضلت به على عبادك...).
  ومن شرف هذا اليوم أن روي عنهم (ع): (إن من أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفات ثم ظن أن الله لم يغفر له) (3).
  وعن الإمام الباقر (ع): (ما من بر ولا فاجر يقف بجبال عرفات فيدعو الله إلا استجاب الله له، أما البر ففي حوائج الدنيا والآخرة، وأما الفاجر ففي أمر الدنيا). (4).
  ولهذا ينبغي للإنسان أن يحذر من الشيطان ويتعوذ منه (فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط أحب اليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس وأقبل قبل نفسك، وليكن فيما تقوله: اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك، وارحم مسيري إليك من الفج العميق). (5).
  فلا تذهل عن طلب حقائق المعرفة الإلهية واطلبها في هذا الموقف بالنظر إلى ذلك فيما بينك وبين ربك.. (إلهي هذا ذلي ظاهر بين يديك، وهذا حالي لا يخفى عليك، منك أطلب الوصول إليك، وبك استدل عليك، فاهدني بنورك إليك.. واسلك بي مسلك أهل الجذب..) (6).
    المصادر:
    --------
   (1) العلل 2/ 436.
  (2) المحاسن ص 65.
  (3) الوسائل 13/ 547.
  (4) من لا يحضره الفقيه 2/ 210.
  (5) الوسائل 13/ 538.
  (6) دعاء عرفة للإمام الحسين (ع) - مفاتيح الجنان.