• الموقع : حملة مركز الإمام الخوئي - نيويورك .
        • القسم الرئيسي : التفاصيل العامة : .
              • القسم الفرعي : من ذاكرة التاريخ .
                    • الموضوع : الحج قبل الإسلام 3 .

الحج قبل الإسلام 3

الحج قبل الإسلام 3
    الإفاضة من عرفة:
    ومن (عرفة) تكون الإفاضة إلى (المزدلفة)، و(المزدلفة)، موضع يكاد يكون على منتصف الطريق بين (عرفة) و(منى)، وفيه يمضي الحجاج ليلتهم، ليلة العاشر من (ذي الحجة)، ومنه تكون الإفاضة عند الشروق إلى (منى)، ويذكر أهل الأخبار أن (قصي بن كلاب)، كان قد أوقد ناراً على (المزدلفة) حتى يراها من دفع من عرفة، وان العرب سارت على سنته هذه، وبقيت توقدها حتى في الإسلام، ولابد وأن يكون من المواضع الجاهلية المقدسة كذلك، التي كان لها صلة بالأصنام.
    ويفيض الحجاج في الجاهلية عند طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة من (المزدلفة) إلى (منى)، لرمي الجمرات ولنحر الأضحية.
    كان أمر الإفاضة بيد رجل من أسرة تناوبت هذا العمل أباً عن جد، وقد اشتهر منهم رجل عرف بـ (عميلة ابن خالد العدواني)، واشتهر بين الناس بـ (أبي سيّارة)، كان يجيز الناس من المزدلفة إلى منى أربعين سنة، يركب حماراً أسود، وينظر إلى أعالي جبل (ثبير)، فإذا شاهد عليها أشعة الشمس الأولى نادى: أشرق ثبير، كيما نغير ‍‍! ثم يجيز لهم بالإفاضة وفيه يقول الشاعر:
    خلّوا الطريق عن أبي سيّارة * وعن مواليه بني فزاره
    حتى يجيز سالماً حماره* مستقبل القبلة يدعو جاره
    * فقد أجار الله من أجاره
    وضرب به المثل، فقيل: أصح من عير أبي سيّارة، وذكر (الجاحظ) ان اسم (أبي سيّارة) (عميلة بن أعزل)، دفع بأهل الموسم أربعين عاماً، ولم يكن عيره عيراً وإنما كان أتاناً، ولا يعرفون حماراً وحشياً عاش وعمّر أطول من عير (أبي سيارة).
    وورد أن الذين كان لهم أمر الإجازة بالحجاج وهي الإفاضة، هم (صوفة). وهم حيّ من مضر من نسل (الغوث بن مرّ بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر)، وقد سمّوا (صوفة) و(آل صوفة)، لأن (الغوث) أبوهم جعلت أمه في رأسه صوفة وجعلته ربيطاً للكعبة يخدمها.
    وكانت العرب إذا حجت وحضرت عرفة لا تدفع منها حتى تدفع بها (صوفة)، وكذلك لا ينفرون من (منى) حتى تنفر (صوفة)
    و(يظهر) من الروايات الواردة عن جبل (ثبير)، أنه كان من المواضع المقدسة عند الجاهليين، أو أن على قمته صنماً أو بيتاً كانوا يصعدون إليه لزيارته وللتبرك به.
   
    الرمي:
    و( رمي الجمرات ) بمنى من مناسك الحج وشعائره، وهو من شعائر الحج كذلك المعروفة في المحجات الأخرى من جزيرة العرب، كما كان معروفاً عند غير العرب أيضا، وقد أشير إليه في التوراة، وهو معروف عند (بني إرم)، ويرجع أهل الأخبار مبدأ رمي الجمرات إلى (عمرو بن لحي)، يذكرون أنه جاء بسبعة أصنام فنصبها بـ (منى)، عند مواضع الجمرات، وعلى شفير الوادي، ومواضع أخرى، وقسم عليها حصى الجمار، احدى وعشرين حصاة، يرمى كل منها بثلاث جمرات، ويقال للوثن حين يرمى: أنت أكبر من فلان الصنم الذي يرمى قبله.
  
    الذبح والنحر:
    ومن الشعائر المتعلقة بمنى النحر والذبح، وهي الأضحية في الاسلام و(العتائر) في الجاهلية، وكانوا ينحرونها على الأنصاب وعلى مقربة من الأصنام، فتوزع على الحاضرين ليأكلوها جماعة أو تعطى للأفراد، وقد تترك لكواسر الجو وضواري البر فلا (يصد عنها انسان ولا سبع) وتبلغ ذروة الحج عند تقديم العتائر، لأنها أسمى مظاهر العبادة في الأديان القديمة.
    وكان الجاهليون يقلدون هديهم بقلادة، أو بنعلين، يعلقان على رقبة الهدي، اشعاراً للناس بأن الحيوان هو هدي، فلا يجوز الاعتداء عليه، كما كانوا يشعرونه، والإشعار الإعلام، وهو أن يشق جلد البدنة أو يطعن في اسنمها في أحد الجانبين بمبضع أو نحوه، وقيل في سنامها الأيمن حتى يظهر الدم ويعرف انها هدي، والشعيرة البدنة المهداة.
    وكان بعض أهل الجاهلية، يسلخون جلود الهدي، ليأخذوها معهم، ويتفق هذا مع لفظة (تشريق) التي تعني تقديد اللحم. ومنه سميت أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها، أي تشرّر في الشمس. وقيل سمي التشريق تشريقاً، لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس.
   
    الحلق والتقصير:
    ولا يحل الحجاج في الجاهلية حلق شعروهم أو تقصيرها طيلة حجهم، وإلاّ بطل حجّهم، ويلاحظ أن غير العرب من الساميين كانوا لا يسمحون بقص الشعر في مثل هذه المناسبات الدينية أيضاً، لما للشعر من أهمية خاصة في الطقوس الدينية عندهم، ولا سيما اللحية لما لها من علاقة بالدين، ولهذا نجد رجال الدين والزهاد والأتقياء الورعين يحافظون عليها ويعتبرونها مظهراً من مظاهر التدين، وقد كانت القبائل لا تحلق شعورها في مواسم حجّها إلا عند أصنامها، فكان الأوس إذا حجوا وقفوا مع الناس المواقف كلها ولا يحلقون رؤوسهم، فإذا نفروا أتوا صنمهم مناة فحلقوا رؤوسهم عنده، وأقاموا لا يرون لحجّهم تماماً إلا بذلك، وكانت قضاعة ولحم وجذام تحج للأقيصر وتحلق عنده.
    وكان من عادة بعض القبائل، مثل بعض قبائل اليمن، القاء قرة من دقيق مع الشعر. وذلك أن أهل اليمن كانوا إذا حلقوا رؤوسهم بمنى وضع كل رجل على رأسه قبضة دقيق، فإذا حلقوا رؤوسهم سقط الشعر مع ذلك الدقيق، ويجعلون ذلك الدقيق صدقة، فكان ناس من أسد وقيس يأخذون ذلك الشعر بدقيقه، فيرمون بالشعر وينتفعون بالدقيق. وفي ذلك يقول معاوية بن أبي معاوية الجرمي:
    ألم ترَ جرماً أنجدت وأبوكم * مع الشعر في قص الملبد شارع
    إذا قرة جاءت تقول أصب بها * سوى القمل إني من هوازن ضارع
    وكان من يقصد العزى يذبح عند شجرة هناك ثم يدعون، وكان من يقصد مناة يهدي لها كما كان غيرهم يهدي للكعبة ويطوفون بها ثم ينحرون عندها، وكان عبدة ذي الخلصة في أسفل مكة يذبحون عنده كذلك، وكذلك كانت بقية القبائل تطوف في أعيادها حول أصنامها، وتهدى اليها، ثم تنحر عندها عند إكمالها هذه الشعائر دلالة على أكمالها شعائر الحج إلى هذه المواضع وانتهائها منها على أحسن وجه.
 


  • المصدر : http://www.alkhoeihaj.us/subject.php?id=167
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29