• الموقع : حملة مركز الإمام الخوئي - نيويورك .
        • القسم الرئيسي : التفاصيل العامة : .
              • القسم الفرعي : من ذاكرة التاريخ .
                    • الموضوع : بناء الكعبة .

بناء الكعبة

المسجد الحرام

بناء الكعبة
   أوّل من بنى بيت الله الحرام ووضع أساسه هو نبيّ الله آدم (ع)، وكان جبرئيل(ع) مرشداً له في مناسكه المباركة وقد اشارت الروايات إلى ذلك وأشار الله سبحانه إلى أنّ البيت كان موجوداً قبل إبراهيم (ع) حيث قال: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} والقواعد جمع قاعدة أي الأساس، حيث كانت أُسس البيت قائمة قبل إبراهيم (ع).
   وقال الإمام الصادق (ع): ((إنّ آدم (ع) هو الذي بنى البيت ووضع أساسه...)).
   وجاء عن الإمام الباقر عليه السلام: أمّا بدء هذا البيت فإنَّ الله تبارك وتعالى قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} فردّت الملائكة على الله عزَّ وجلَّ فقالت: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}؟! فأعرض عنها، فرأت أنَّ ذلك من سخطه فلاذت بعرشه، فأمر الله مَلَكاً من الملائكة أن يجعل له بيتاً في السماء السادسة يسمّى الضُّراح (وهو البيت المعمور، بيت في السماء مقابل الكعبة في الأرض)، بإزاء عرشه، فصيَّره لأهل السماء، يطوف به سبعون ألف ملك في كلِّ يوم فلمّا أن هبط آدم إلى السماء الدنيا أمَرهُ بمرمَّة هذا البيت - وهو بإزاء ذلك - فصيَّره لآدم وذرِّيته كما صيَّر ذلك لأهل السماء.
   وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر (ع): ((... ثم تاب عليهم من بعد ذلك ورضي عنهم، فهذا كان أصل الطواف، ثم جعل الله البيت الحرام حذو الضُّراح توبة لمن أذنب من بني آدم (ع) وطهوراً لهم)).
   وقال رسول الله (ص): بعث الله جبريل (ع) إلى آدم وحوّاء، فقال لهما ابنِيا لي بناءً، فخطّ لهما جبريل (ع)، فجعل آدم يحفر وحوّاء تنقل، حتى أجابه الماء: حسبك يا آدم. فلمّا بنَياه أوحى اللهُ تعالى إليه أن يطوف به، وقيل له: أنت أوّل الناس، وهذا أول بيت. ثم تناسَخَتِ القرون حتى حجّه نوح، ثم تناسَخَت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه.
   وقد ورد عن أمير المؤمنين (ع): (ألا ترون أن الله جلَّ ثناؤه اختبر الأوّلين من لدن آدم إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضرُّ ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام الّذي جعله للنّاس قياماً، ثمّ وضعه بأوعر بقاع الأرض حجراً، وأقلِّ نتائق الدُّنيا مدراً، وأضيق بطون الأودية معاشاً وأغلظ محالِّ المسلمين مياهاً، بين جبال خشنة، ورمال دمثة، وعيون وشلة، وقرى منقطعة، وأثر من مواضع قطر السماء داثر، ليس يزكو به خفّ ولا ظلف ولا حافر، ثم أمر آدم (ع) وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابة لمنتجع أسفارهم، وغاية لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متّصلة، وجزائر بحار منقطعة، ومهاوي فجاج عميقة، حتّى يهزُّوا مناكبهم ذللاّ يهلّلون لله حوله، ويرملون على أقدامهم شُعثاً غُبرا له، قد نبذوا القنع والسراويل وراء ظهورهم، وحسروا بالشعور حلقاً عن رؤوسهم، ابتلاءً عظيماً، واختباراً كبيراً، وامتحاناً شديداً، وتمحيصاً بليغا وقنوتاً مبيناً، جعله الله سببا لرحمته، ووصلة ووسيلة إلى جنّته، وعلّة لمغفرته، وابتلاء للخلق برحمته، ولو كان الله تبارك وتعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنّات وأنهار وسهل وقرار، جمِّ الأشجار، داني الثّمار، ملتفّ النبات، متّصل القرى، من برَّة سمراء وروضة خضراء وأرياف محدقة وعراص مغدقة وزروع ناضرة وطرق عامرة وحدائق كثيرة، لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء، ثمّ لو كانت الأساس المحمول عليها والأحجار المرفوع بها بين زمرَّدة خضراء وياقوتة حمراء ونور وضياء لخفّف ذلك مصارعة الشكِّ في الصدور، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الرَّيب من النّاس، ولكن الله عزَّ وجلَّ يختبر عبيده بأنواع الشدائد ويتعبّدهم بألوان المّجاهد ويبتليهم بضروب المكاره، إخراجاً للتكبّر من قلوبهم، وإسكاناً للتَذَلّل في أنفسهم، وليجعل ذلك أبواباً [فتحاً] إلى فضله، وأسباباً ذللاً لعفوه، كما قال: {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.


  • المصدر : http://www.alkhoeihaj.us/subject.php?id=160
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16