• الموقع : حملة مركز الإمام الخوئي - نيويورك .
        • القسم الرئيسي : التفاصيل العامة : .
              • القسم الفرعي : فلسفة الحج وأفعاله .
                    • الموضوع : فلسفة الحج .

فلسفة الحج

فلسفة الحج
    1 - عن عيسى بن يونس: كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصريّ، فانحرف عن التوحيد... فأتى أبا عبد الله (عليه السلام)... فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المعمور بالطوب والمدر، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر؟! إِنَّ من فكّر في هذا وقدّر علم أنَّ هذا فعل أسّسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فانّك رأس هذا الأمر وسنامه، وأبوك أسّه وتمامه.
    فقال ابو عبد الله (عليه السلام): إِنَّ من أضّله الله واعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذ به، وصار الشيطان وليّه وربّه وقرينه، يورده مناهل الهلكة ثمَّ لا يُصْدره، وهذا بيتٌ استعبَد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في اتيانه، فحثّهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه، وقبلةً للمصلين اليه، فهو شُعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال (1).
    2 - قال الإمام علي (عليه السلام)....
    ولكنّ الله - سبحانه - أراد أن يكون الاتّباع لرسله، والتّصديق بكتبه، والخشوع لوجهه، والاستكانة لأمره، والاستسلام لطاعته، اموراً له خاصّةً لا تشوبُها من غيرها شائبة. وكلّما كانت البلوى والاختبار أعظم، كانت المثوبة والجزاء أجزل.
    ألا ترون أنَّ الله - سبحانه - اختبر الأوّلين من لدن آدم - صلوات الله عليه - إلى الآخرين من هذا العالم؛ بأحجار لا تضرّ ولا تنفع، ولا تُبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام (الذي جعله للناس قياماً)، ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجراً، وأقلّ نتائق الدنيا مدراً، وأضيق بطون الأودية قطراً. بين جبال خشنة، ورمال دَمِثة، وعيون وشلة، وقرى منقطعة، لا يزكو بها خفٌ ولا حافر ولا ظلف، ثم أمر آدم (عليه السلام) وولده ان يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابة لمنتجع أسفارهم، وغاية لملقى رحالهم تهوي اليه ثمار الأفئدة من مفاوز سحيقة، ومهاوي فجاج عميقة، وجزائر بحار منقطعة، حتّى يهزّوا مناكبهم ذللاً يُهلّلون لله حوله، ويرملون على اقدامهم شُعثاً غُبراً له، قد نبذوا السّرابيل وراء ظهورهم، وشوّهوا بإِعفاء الشعور محاسن خلقهم، ابتلاءً عظيماً وامتحاناً شديداً، واختباراً مبيناً، وتمحيصاً بليغاً، جعله الله سبباً لرحمته، ووصلة إلى جنّته، ولو أراد - سبحانه - ان يضع بيته الحرام، ومشاعره العظام، بين جنّات وأنهار، وسهل وقرار ، جمّ الأشجار، داني الثمار، ملتفّ البنى، متصل القرى، بين بُرّة سمراء ، وروضة خضراء، وأرياف محدقة، وعراص مغدقة، ورياض ناضرة، وطرق عامرة، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء. ولو كان الأساس المحمول عليها، والأحجار المرفوع بها، بين زمرّدةٍ خضراء، وياقوتة حمراء، ونور وضياء، لخفّف ذلك مصارعة الشك في الصدور، ولو وضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب في الناس، ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد، ويتعبدهم بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره، إِخراجاً للتكبر من قلوبهم، واسكاناً للتذلّل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبواباً فُتُحاً إلى فضله، واُسباباً ذُلُلاً لعفوه (2).
    3 - عن الإمام الصادق (عليه السلام): سئل عليه السلام عن علَة الحج، فقال: إِنّ الله خلق الخلق، وأمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين، ومصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب؛ليتعارفوا، ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد، ولينتفع بذلك المكاري والجمّال، ولتعرف آثار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعرف أخباره، ويذكر ولا ينسى، ولو كان كلّ قوم إِنمّا يتكلمون على بلادهم وما فيهم هلكوا وخربت البلاد، وسقطت الجلب والارباح وعميت الاخبار ولم تقفوا على ذلك فذلك علّة الحج (3).
    4 - قال ابو عبد الله (عليه السلام): يا أبا الورد، إِنّي أحبُّ أن أشهد المنافع التي قال اللهُ تبارك وتعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}. إِنّه لا يشهدها أحدٌ إِلاّ نفعه الله؛ أمّا أنتم فترجعون مغفوراً لكم وأمّا غيركم فيُحفَظون في أهاليهم وأموالهم (4).
    5 - عن فاطمة (عليها السلام): فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك... والحجّ تسنيةً (رفعة) للدين (5).
    6 - قوله تعالى {بَرَاءَةٌ مِن اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ، وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(6)
    قوله تعالى{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأستغفرنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}(7)
    عن العيّاشي: حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث أبا بكر مع براءة الى الموسم ليقرأها على الناس، فنزل جبرئيل فقال: لا يبلّغ عنك إلاّ عليّ، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً فأمره أن يركب ناقته العضباء، وأمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة يقرأها على الناس بمكّة. فقال أبو بكر: أسخطة؟ فقال: لا، إلا أنّه أُنزل عليه: لا يبلّغ إلا رجل منك، فلمّا قدم عليّ مكّة - وكان يوم النحر بعد الظهر، وهو يوم الحجّ الأكبر - قام، ثمّ قال: إنّي رسول رسول الله إليكم، فقرأها عليهم:{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} عشرين من ذي الحجة ومحرم وصفر وربيع الأول، وعشراً من ربيع الآخر. وقال: لا يطوف بالبيت عُريان ولا عريانة، ولا مشرك إلاّ كان له عهد عند رسول الله، فمدته إلى هذه الأربعة الأشهر(8).
    المصادر:
    --------
     (1) الكافي: 4/ 197/ 1.
    (2) نهج البلاغة: الخطبة 192 القاصعة.
    (3) الوسائل: 11/ 14124/ 6.
     (4) الكافي: 4/ 263/ 46.
     (5) الفقيه: 3/ 568/ 4940.
    (6) التوبة: 1 - 3.
    (7) الممتحنة:4.
    (8) تفسير العياشي: 2/ 73/ 4و5.
 


  • المصدر : http://www.alkhoeihaj.us/subject.php?id=1
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29